يبقى بيت العنكبوت من أوهن البيوت وأضعفها على الإطلاق لأنه بيت محروم من معاني المودة والرحمة التي يقوم على أساسها كل بيت سعيد؛ وذلك لأن الأنثى في بعض أنواع العنكبوت تقضي على ذكرها بمجرد إتمام عملية الإخصاب، وذلك بقتله وافتراس جسده؛ لأنها أكبر حجماً وأكثر شراسة منه, وفي بعض الحالات تلتهم الأنثى صغارها دون أدنى رحمة, وفي بعض الأنواع تموت الأنثى بعد إتمام إخصاب بيضها الذي عادة ما تحتضنه في كيس من الحرير, وعندما يفقس البيض تخرج (Spider lings) فتجد نفسها في مكان شديد الازدحام بالأفراد داخل كيس البيض, فيبدأ الإخوة الأشقاء في الاقتتال من أجل الطعام أو من أجل المكان أو من أجلهما معاً، فيقتل الأخ أخاه وأخته, وتقتل الأخت أختها وأخاها حتى تنتهي المعركة ببقاء عدد قليل من العنيكبات التي تنسلخ من جلدها, وتمزق جدار كيس البيض لتخرج الواحدة تلو الأخرى, والواحد تلو الآخر بذكريات تعيسة, لينتشر الجميع في البيئة المحيطة، وتبدأ كل أنثى في بناء بيتها, ويهلك في الطريق إلى ذلك من يهلك من هذه العنيكبات، ويكرر من ينجو منها نفس المأساة التي تجعل من بيت العنكبوت أكثر البيوت شراسة ووحشية, وانعداماً لأواصر القربى. ومن هنا ضرب الله ـ تعالى ـ به المثل في الوهن والضعف لافتقاره إلى أبسط معاني التراحم بين الزوج وزوجه, والأم وصغارها, والأخ وشقيقه وشقيقته, والأخت وأختها وأخيها.
فسبحان الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق